إدمان الربح السريع… حين يتحول الطموح إلى فخ ذهني
- د.علي الراوي
- 4 days ago
- 2 min read
Updated: 3 days ago
في البداية… كل شيء يبدو منطقيًا.تحاول أن تربح. أن تتقدّم. أن تنتهز فرصة "ذهبية".تضغط زرًا، تنتظر قليلًا… فتربح.
لكنك لا تنتبه، أن تلك اللحظة لم تكن ربحًا… بل الجرعة الأولى.

🧠 العقل لا يميّز بين ربح مشروع… وإدمان خفي
علم النفس يخبرنا أن الإدمان ليس مقتصرًا على المواد، بل يشمل السلوكيات أيضًا.والربح السريع واحد من أكثر أنواع الإدمان التي تُخفي نفسها خلف قناع "الذكاء" و"الطموح".
لماذا؟لأنك لا تشعر بالخطأ، بل تشعر أنك في الطريق السريع نحو النجاح.لكنك في الحقيقة تدخل دوامة:
تربح مرة، فتظن أنها أصبحت قاعدة.
تخسر بعدها، فتعتبرها استثناء.
تعيد الكرة… ليس لأنك مقتنع، بل لأنك مدفوع بشيء داخلي أقوى منك.
وهكذا، يتحول الطموح إلى هوس… ويبدأ الانحدار.
📉 كيف تعرف أنك دخلت مرحلة الإدمان؟
ليست المسألة في عدد الصفقات أو حجم المخاطرة، بل في طريقة تفكيرك:
هل تربط شعورك بقيمتك الذاتية بنتيجة الربح أو الخسارة؟
هل تشعر بالقلق أو التوتر إذا لم "تدخل صفقة"؟
هل تبحث عن السوق فقط لتسترجع خسارة سابقة؟
هل تخفي جزءًا من ممارساتك المالية عن من حولك؟
هل تشعر أن التداول "يعوّضك" عن نقص داخلي آخر؟
إذا أجبت بـ"نعم" عن أكثر من واحدة… فأنت لا تبحث عن ربح، بل عن رضا لحظي مؤقت، يشبه تمامًا ما يشعر به المدمن بعد كل جرعة.
🧩 لماذا هذا النوع من الإدمان خبيث جدًا؟
لأنه لا يُدان اجتماعيًا.حين تدمن المخدرات، يرفضك المجتمع.لكن حين تدمن "الربح السريع"، يُصفّق لك الناس حين تربح… ويسكتون حين تخسر.
إنه إدمان ناعم.لا رائحة له، لا أثر فوري، لكنه يأكل شيئًا في داخلك: هدوءك، حكمتك، توازنك.
وكلما استمر، كلما أصبح الخروج أصعب… لأنك تعيش بين أمل كاذب، وخسارة حقيقية.
💡 كيف نكسر الحلقة؟ خطة عملية للتعافي من هذا الإدمان
سمِّه باسمه:قل لنفسك: "أنا لا أتداول الآن… أنا أبحث عن شعور مؤقت."مجرد التسمية تفتح باب الوعي.
افصل بين المال والمشاعر:لا تتداول وأنت غاضب، فرح، قلق، أو مكسور.قراراتك يجب أن تصدر من منطق، لا من شعور.
اصنع خطة، والتزم بها كأنها قانون:حدد عدد الصفقات، نسب المخاطرة، وأيام التداول.لا تتجاوزها… حتى لو شعرت أن "الفرصة لا تُعوّض".
اجعل لحياتك مسارات أخرى للإنجاز:لا تجعل المال هو المصدر الوحيد لشعورك بالنجاح.اقرأ، اكتب، درّب، امشِ، اصنع شيئًا آخر يذكّرك أنك أكثر من مجرد متداول.
تحدث عن الأمر… لا تكتمهابحث عن صديق أو مجتمع تفهم فيه مشاعرك، لا يُحكم عليك، بل يُساندك.
🕯️ في النهاية… لا تسجن نفسك داخل شهوة "الآن"
نحن في زمن يختصر كل شيء: الربح، الظهور، النجاح، وحتى السعادة.لكن العقول العظيمة تعرف أن ما يُبنى ببطء… يبقى.وما يُلهبك بسرعة… يحرقك بعدها أكثر.
لا عيب أن تكون طموحًا.لكن العيب أن تتحول إلى آلة تضغط الأزرار… فقط لتشعر أنك موجود.
إذا شعرت يومًا أن السوق يستهلكك أكثر مما يمنحك…توقف.راجع نفسك.واخرج من "منطقة الربح السريع"، وعد إلى منطقة "الحكمة المالية".
لأن كل نجاح لا يحمل الهدوء… ليس نجاحًا حقيقيًا.
Comments